Welcome

31/05/2013

ناقد سينمائي مصري يصف فيلم كشيش بالإباحي ويرى في تتويجه فضيحة

 
كتب الناقد السينمائي المصري أمين العمري مقالا تطرق فيه لتتويج فيلم المخرج التونسي الفرنسي عبد اللطيف كشيش بالسعفة الذهبية في مهرجان كان، ووصف العمري فيلم كشيش بالإباحي معتبرا أن فوزه فضيحة.. وهذا ما جاء في نصه: “بداية يجب أن أوضح للقراء أنني لست من النقاد الذين يحكمون على الأفلام من منطلق أخلاقي، بل لست أرى ما يمنع على الإطلاق أي يكون هناك فيلم يتناول الحب المثلي، أي حب رجل لرجل أو فتاة لفتاة، ونرى فيه عملا فنيا كبيرا، فأعمال الفن لا تخضع لأحكام الأخلاق بل تتحرر تماما من هذه القيود، كما أن النظرة إلى هذا النوع من السينما، أي تلك التي تجتريء على إقتحام مناطق جديدة في حياتنا، تعالجها بجرأة، تختلف من مجتمع إلى آخر، ولذا يصبح من الصعب تعميم أي وصايا أو أفكار تتعلق بهذا النوع من “التعبير السينمائي”.
 لقد تناولت في هذا الموقع قبل أيام، فيلم “وراء الشمعدان” للمخرج الأمريكي المرموق ستيفن سودربرج، ولم أخف إعجابي الكبير به كعمل فني ممتاز ومتميز رغم كونه يتناول علاقة الحب التي جمعت بين عازف البيانو الأمريكي فيراتشي، ومساعده وخادمه لسنوات عدة، سكوت ثورسون.
 إن الفرق بين تناول المشاعر الإنسانية تناولا فنيا رفيعا، حتى من خلال فيلم يدور حول العلاقات المثلية (التي يسميها البعض بالشذوذ الجنسي)، وبين إستعراض العلاقات الجنسية، المألوفة منها والمثلية، أي بين الرجل والمرأة، أو بين إثنين من الجنس نفسه، دون معرفة الخيط الرفيع الذي يفصل بين أعمال الفن، وأفلام الإثارة، أي بين فيلم يستخدم الجنس لكي يعبر عن المشاعر الإنسانية ويكثفها، وبين إستخدامه من أجل صدم المشاهدين أو إثارتهم أو التباهي بالإقدام على ما لم يقدم عليه أحد سوى في أفلام البورنو بل والتماهي مع أفلام البورنو التي لا نعتبرها من الفن الرفيع أصلا، فهذا ما رفضناه ونرفضه في فيلم المخرج عبد اللطيف كشيش المسمى “الأزرق أكثر الألوان دفئا” (أو حياة أديل).
وكنا نتخيل أن ستيفن سبيلبرج بتكوينه السينمائي، كونه رئيسا للجنة التحكيم في مهرجان كان، سينأى بنفسه، لأسباب فنية، عن منح السعفة الذهبية لفيلم كشيش الذي تستغرق مشاهد الجنس المثلي فيه ما يقرب من ساعة كاملة إن لم يكن اكثر (زمن الفيلم يبلغ نحو 3 ساعات).. دون أن يكون في التكرار أي فائدة أو إضافة درامية أو جمالية إلى موضوع الفيلم. غير أن “نقاد كان” في معظمهم، يميلون إلى تغليب الاحتفاء بالأسلوب السينمائي (وهو لاشك متميز عند قشيش في قدرته الهائلة على التقاط التفاصيل، والحميمية والتلقائية التي يصور بها مشاهد فيلمه، وقدرته الكبيرة على تدريب الممثلين والتحكم في أدائهم).. وقد أشدنا بكل هذه الجوانب في الفيلم لكننا رفضنا ذلك الاستغراق في تصوير مشاهد بتفاصيلها بما لا يضيف للفيلم بل يسبب الإرهاق للكثير من المشاهدين.
لذلك أرى أن تغلب الآراء داخل لجنة التحكيم لصالح هذا الفيلم، وتفضيله على “نبراسكا” بموضوعه الإنساني الكبير، وفيلم “الماضي” بفكرته ومعالجته الرصينة، أو “داخل ليولين ديفيز” فيلم الأخوين كوين الذي أسعد المشاهدين بسخريته اللاذعة، أو الفيلم الإيطالي البديع “الجمال العظيم”، ليس سوى إنتصار للتفاهة، وإعلاء من شأن الجرأة أيا كان هدفها بل وحتى لو كانت مطلوبة في حد ذاتها أومن أجل إدعاء “الجدة” والتجديد، على حساب سينما الشعر والفن الرفيع والتعبير الذاتي عن العالم، سينما التأمل والحس الصوفي المعذب أو السينما التي تلمس فيها معاناة فنان يريد أن ينطلق للعالم.
صحيح أننا شاهدنا مسابقة خلت تماما بشكل واضح أمامنا جميعا، من تلك “التحفة” السينمائية التي يجتمع حولها الجميع. هذا أمر لا خلاف عليه. وربما تكون التحفة الوحيدة في المهرجان من وجهة نظر كاتب هذه السطور، هو فيلم المخرج العبقري أليخاندرو خوردروفسكي “رقصة الواقع” (سنعود إليه في مقال خاص يليق به) لكنه عرض خارج المسابقة في برنامج “نصف شهر المخرجين”، وهو أول فيلم لمخرجه منذ 23 عاما وبعد أن بلغ الرابعة والثمانين من عمره!
 لكن منح السعفة الذهبية لفيلم “حياة أديل” فضيحة رسمية لمهرجان كان، ويعكس خضوعا مقيتا من جانب لجنة التحكيم لاستطلاعات آراء نقاد فرنسا بميولهم المتطرفة الذين سبق لهم أن تباروا في التصويت لصالح فيلم من أكثر أفلام مخرجه رداءة وإدعاء واصطناعا، وهو فيلم “دوجفيل” Dogville(2003) للارس فون ترايير، وهو الفيلم الذي إستنكره مخرجه نفسه، أو أنكره على نحو ما، فيما بعد، علما بأنني من أشد المعجبين بموهبة فون ترايير، وكنت من الذين قالوا إن بروزه كمخرج بفيلم “أوروبا” (1991) كان إعلانا عن مولد موهبة سينمائية جديدة فذة على الساحة العالمية

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire