إعتبر الرئيس المنصف المرزوقي في حوار أدلى به لصحيفة الأهرام المصرية أنه ليس ضروريا أن تنجح كل الثورات في تحقيق أهدافها، وقال: “ثورات
الربيع العربي لم تحقق أهدافها حتي الآن، لأنها مازالت في بداية مسارها،
وقد يستغرق ذلك سنوات أو عقودا. الثورة الفرنسية حدثت عام1789 لكنها حققت
أهدافها عام1870 لأسباب كثيرة معروفة تاريخيا, كما أن الثورة الروسية أيضا
استغرقت وقتا لتحقق جزءا من أهدافها، ثم فشلت. وليس ضروريا أن تنجح كل
الثورات في تحقيق مطالبها، فالثورة مشروع ينجح أو لا ينجح، وأحيانا يحقق
أهدافه في زمن طويل أو لا يحقق أهدافه.. نحن الآن في مسار، ولا نعرف إلي
أين سيؤدي.. هل ينجح أم يؤدي إلي الفوضي، أو إلي الديكتاتورية. نحن في قلب
زوبعة أو عاصفة، ولا ندري هل ستغرق الباخرة أم ستدفع بها إلي الأمام.. وهذه
ظاهرة نحن لا نستطيع أن نخرج منها، لأن التغيير معناه تغيير هيكل الدولة،
وتغيير هيكل المجتمع، وهذه عملية تقع مرة كل قرنين أو ثلاثة.. نحن الآن
نعيش هذه الفترة التاريخية التي ستحدد مصير الأجيال المقبلة. والحقيقة أنه
لا يمكن لأي ثورة أن تحقق أهدافها في ظرف سنتين ونصف السنة.. وأنا لا
أستطيع الحكم علي الثورات الأخرى، ولكني أستطيع أن أحكم علي الثورة
التونسية، فهي علي الطريق، ولم تدخل مرحلة الخطر الذي يعني أنك لا تسيطر
علي كل القوي.. لقد سيطرت القوي السياسية علي الوضع, لأنها دخلت في حوار لم
ينته. وأتمني ـ بعد خمس سنوات ـ أن تصبح هناك انتخابات حرة ونزيهة، وستكون
بالفعل حرة ونزيهة. بعد خمس سنوات نستطيع أن نتفرغ لقضايا المناطق
المهمشة.. للقضاء علي الفساد.. ربما بعد خمس سنوات أستطيع أن أرد علي هذا
السؤال بالقول: نعم تونس حققت جزءا كبيرا من أهدافها”.
قطعنا رأس الحية لكن جذور الفساد ما زالت مستشرية
وبخصوص موضوع الفساد، قال المرزوقي: “نحن إلي الآن في تونس لم
نعالج هذا الملف كما ينبغي.. الفساد مازال مستشريا، لأننا للأسف الشديد
قطعنا رأس الحية لكن العروق بقيت موجودة.. ملف الفساد لم يعالج.. الدولة
إلي الآن ليس لها كل الإمكانات، لأنها مشغولة في قضايا الأمن والقضايا
السياسية. التحدي الآن هو أن تكون الحرية عاملا من عوامل العدالة
الاجتماعية.. وأن تكون العدالة الاجتماعية عاملا من عوامل تركيز الحريات..
فإذا ذهبنا لإقامة الديمقراطية وجعلنا القضية الاجتماعية ثانوية فسنرجع إلي
تجارب سابقة.. تجارب تلك الفاشيات”.
سنواصل الحوار مع المعتدلين من السلفيين
أما في ما يتعلق بما يشهده الشارع التونسي من إنفلات، فكانت
إجابة المرزوقي كالآتي: “أنا رجل علم، وأتعامل مع الأرقام، بمعني كم وقع من
حوادث طرق أو حوادث نشل. وما أتابعه هو أنه بعد الثورة أصبح هناك انفلات
كبير.. عدد الإضرابات.. قطع الطرق.. عدد الاعتداءات بالعنف.
المجتمع بدأ يستعيد هدوءه، وبدأت الإضرابات العشوائية وقطع الطرق تختفي، ولكن ظهرت مشكلة جديدة تتمثل في العنف والحركات التي أسميها تكفيرية وأرفض تسميتها بالسلفية. المعالجة يجب أن تكون دينية تعليمية تربوية.. نواصل الحوار مع معتدلين من السلفيين.. أما من يمارسون العنف فنواجههم بالحزم والقوة في إطار حقوق الإنسان، فأنا لا أريد لتونس إنتاج ما فعله بن علي في التسعينات”.
المجتمع بدأ يستعيد هدوءه، وبدأت الإضرابات العشوائية وقطع الطرق تختفي، ولكن ظهرت مشكلة جديدة تتمثل في العنف والحركات التي أسميها تكفيرية وأرفض تسميتها بالسلفية. المعالجة يجب أن تكون دينية تعليمية تربوية.. نواصل الحوار مع معتدلين من السلفيين.. أما من يمارسون العنف فنواجههم بالحزم والقوة في إطار حقوق الإنسان، فأنا لا أريد لتونس إنتاج ما فعله بن علي في التسعينات”.
دور الدولة حماية كل تونسي مادام يلتزم بالقانون
وبخصوص موقفه المنادي بحق المنقبات في إجراء الإمتحانات دون كشف الوجه، قال المرزوقي: “هذا
موقفي منذ أكثر من20 سنة.. أنا قلت في خطابي عندما تحدثت أول يوم: دور
الدولة أن تحمي المرأة المنقبة والمحجبة بنفس الكيفية التي تحمي بها المرأة
السافرة.. آنذاك استعملت كلمة سافرة، ويومها قامت القيامة لأن البعض لم
يفهم أنها كلمة عربية تعني المرأة التي تكشف وجهها. دور الدولة حماية كل
تونسي مادام يلتزم بالقانون، وليس دورها أن تفرض الحجاب أو تنزع الحجاب..
أن تفرض النقاب أو تنزع النقاب.. هذه أمور داخلة في نطاق الحرية الشخصية”.
لا نقبل أن تكون إيران وراء أي دعوة للتشيع
وذكر المرزوقي أنّ تونس طلبت من إيران ألا تستغل التشيع كمدخل للبلاد، قائلا: ”إيران
دولة مسلمة وصديقة، ونريد أن تربطنا بها علاقات متينة، وبكل الدول الصديقة
أيضا.. وبطبيعة الحال نحن لا نقبل منها أن تتدخل في شؤوننا، ولا نقبل أن
تكون وراء أي مظهر أو دعوة إلي التشيع، أو أن تستغل التشيع كمدخل للبلاد،
وهذا قلناه بوضوح للإخوة الإيرانيين”.
لا نقصي إلا من يريد أن يفرض نغمته بالعنف علي الآخرين
وتحدث المرزوقي عن إيمانه بفكرة حكومة وحدة وطنية، لأن
المجتمع مقسم فيه حداثيون وإسلاميون، وأن القضية الكبري هي جمع الوسطيين من
التيارين ليحكموا معا حتي أن الحداثيين يرون أنفسهم رموزا في هذه
الحكومة.. والإسلاميون كذلك يرون أنفسهم رموزا في هذه الحكومة.. الإشكالية
الكبري تكمن في المتطرفين نحن نعاني في الأساس من أن هناك من يرفض بشكل تام
الحكومة الائتلافية، أما المتطرفون في الطرف الآخر فهم لايريدون أن يسمعوا
شيئا له علاقة بالإسلام وهذا أيضا مشكلة.. والهدف الأول هو عدم إقصاء إلا
من يقصي نفسه.. لا نقصي إلا من يريد أن يفرض نغمته بالعنف علي الآخرين”.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire