Welcome

29/05/2013

صابر خليفة من الظّلم وسوء الحظّ والقهر إلى الشهرة والنجومية والعالمية

حين جاء الفتى الأسمر صابر خليفة الى الترجي الرياضي في صائفة 2005 لم يكن ذاك الاسم يعني شيئا في أوساط الحديقة «ب» في وقت كانت تعجّ فيه التشكيلة بنجوم من شاكلة أمين اللطيفي وماركينوس دوس سانطوس ومايكل اينرامو وغيرهم ممن حقّقوا الثنائي الترجي تحت اشراف خالد بن يحيى..
ثابر صابر خليفة واجتهد في صمت دون ضوضاء وافتك تدريجيا مكانه ضمن حسابات الأطر الفنية المتعاقبة غير أن ذلك كان ظرفيا بما أنه لم يبرز بالشاكلة التي تجعله مرسّما بثبات في حسابات «كابرال» ويوسف الزواوي،لذلك تمّت اعارته الى نادي حمام الأنف حيث استعاد هنالك مع فريق الضاحية الجنوبية شاهية اللعب وهذا ما أقنع فوزي البنزرتي حينها منذ ثلاث سنوات للدفاع عنه باستماتة قصد اعادته وفرضه رغم أنوف «جبهة المعارضة» لسليل مدرسة الملعب القابسي ..
عاد خليفة ولكن معاناته باللونين «الأحمر والأصفر» لم تنته وظلّ غير مرغوب فيه وتردّت علاقته بالهيئة ثم الجماهير التي لم تستسغ كيفية تخلّفه ذات مرّة عن رحلة سطيف وكذلك الى سوسة حين انحنى «ترجي معلول» في تلك الخماسية الشهيرة ..
بين هذا وذاك خيّر ابن الجنوب ركوب مغامرة جديدة وغير مأمونة العواقب بامضائه عقدا مبدئيا مع ايفيان الفرنسي،ولذلك اطرد من تمارين الحديقة (ب) ممّا اضطرّه الى ايجاد صيغة مع المدرب طارق ثابت لامضاء عقد اعارة مع أهلي بنغازي ..ولكن هبوب نسمات «الربيع العربي» في الشقيقة ليبيا جعله يقفل مسرعا في العودة بعد جحيم «الكلاشنكوف» الذي تحدّث عنه صابر مؤخرا للتلفزة الفرنسية الأولى عبر تقرير خاص به ..واضطّر للعودة الى ملعب نادي حمام الأنف حفظا لماء الوجه وايجاد النسق قبل السفر الى فرنسا ..
كانت هذه أبرز معالم مسيرة صابر خليفة الكروية التي اتّسمت بكثير من العراقيل ولكن الفتى تسلّح باصرار «سيزيف» لفرض منتوجه الكروي وهو ما نجح فيه فعلا بعد أن أصبح اسما ذا بال في الدوري الفرنسي المدجّج بالنجوم والذي تحوّل الى مجال للبيزنس والاستثمار مع بروز المال القطري في باريس الذي استقطب باستوري وزلاتان وبيكام ولافاتزي ولوكاس مورا وغيرهم ..في انتظار ثورة امارة موناكو التي توحي بتطوّر كبير سيشهده الدوري الذي تحوّل خليفة الى أحد أبرز علاماته بعدة أهداف بالجملة دوّنها مع «ايفيان» اختير أحدها ضدّ «نيس» كأجمل هدف في الموسم .. صابر خليفة قصّة حبلى بالتناقضات الكروية الصارخة وعنوان لمسيرة ناصعة سرّها الاصرار و«القرينتا» والروح المعنوية الكبيرة وهذا ما سنتطرّق اليه تباعا في «أخبار الجمهورية»..
الصّبر..
كان ابن «الستيدة» اسما على مسمى وتسلح فعلا بالصبر في مجابهة عراقيل عدّة انتصبت في طريقه مع الترجي ومع ذلك عمل في صمت وحاول افتكاك مكانه رغم أن طبعه الخجول وانطوائيته جعلتاه خارج الحسابات طيلة ثلاث سنوات …
العزيمة والرّوح الثأرية..
حين لفظ الترجي هذا اللاعب من تصوّراته الفنيّة،فإنّه لم يرم المنديل واستغل جيّدا حفاوة الاستقبال في نادي حمام الأنف المختص في استثمار هذه الشاكلة من المواهب الكروية،ولذلك تحوّل خليفة الى اسم لامع في بطولتنا وسجل أهدافا بالجملة أعادته الى الواجهة ..
أحد هذه الأهداف تسبّبت لصابر في اشكال وحرج كبيرين بما أنّه سجّل في شباك زميل الأمس وسيم نوارة،لذلك كان الجزاء من جنس الفعل فـ «قبل» لكمة من رياض بنور على هامش حادثة الخميس الأسود في المنزه حين انقطع التيار الكهربائي..وبقدرة قادر تم طيّ الملف وترويج رواية مخالفة وعاد صابر بعد شهرين الى الحديقة (ب) وكأنّ شيئا لم يكن ..
المثابرة..
حتى وان تمسّك فوزي البنزرتي بلاعبه ورسّمه في التشكيلة الأساسية،فان المتاعب لم تنته ووجد خليفة في طريقه عدّة عناصر رافضة لمبدأ وجوده في الحديقة (ب)،لذلك «ثار» قبل الأوان وقاطع التدريبات بعد امضائه «لايفيان»، وما ان فاحت الحكاية حتى أخرجه نبيل معلول قسرا من حساباته وهو ما آضطره الى التحوّل الى ليبيا حيث صارع سيناريوهات مرعبة قاربت الموت مثلما صرّح مؤخرا،وهكذا اجهض اتفاقه مع أهلي بنغازي قبل أن يبدأ.. وعاد الى نادي حمام الأنف «مسقط قلبه» حفاظا على النسق قبل رحلة المجهول الى فرنسا …
انتفاضة أولى ..ثم ثانية..
بدأ مهاجمنا الدّولي خطواته متعثّرا مع الفريق الوردي الصاعد حديثا الى بطولة الدرجة الأولى،ولكن بالتأقلم مع الأجواء فقد سجّل بضعة أهداف فرضته في تشكيلة منتخب سامي الطرابلسي وهو ما رفع من معنوياته وأسهمه.ليقضّي نهاية موسم ايجابية في المجمل أعادت له ثقته وهذا الأهم.. صابر ثابر وتمكّن في الموسم الحالي من بلوغ أقصى درجات النجاح فسجّل 13 هدفا بكل الألوان وثبّت «ايفيان» في الدرجة الأولى وأطاح بـ «البي.. اسي.. جي» في مسابقة الكأس حيث بلغ ناديه الدور النهائي في انتظار التأكيد لاحقا…
صابر لاحقته أيضا بعض المشاكل العائلية بسبب مرض ألمّ بزوجته وكان فعلا قريبا من العودة الى تونس من بوابة الافريقي غير أن بعض الضغوطات ارتفعت في طريقه لتنصب فيتو كان في مصلحته صراحة -مع كل الاحترام للافريقي-، فماكينة اللاعب عادت لتشتغل بالشكل المطلوب الآن وهو صار محلّ طلب كبير من مختلف الأندية هنالك..
التواضع..
بعيدا عن الخصال الكروية المتّفق عليها للاسم المذكور وتطوّره الملحوظ في فرنسا فنّيا وبدنيا وذهنيا،فان ما يحسب لصابر خليفة هو محافظته على تواضع البدايات،اذ ثبّت قدميه على الأرض ولم يرتجف غرورا كما فعل بعض أترابه اللذين صاروا سياحا في فرنسا قبل العودة بسرعة الى ظهرانينا..وهذا عنصر مهمّ جعله محصّنا ضد الفشل بما أنه لم ينجرف وراء أهواء وملذات فرنسا كما أدمن البعض ذلك ..ولأجل كل ما سبق فإنّ ما عاشه هو أقرب الى»الجهاد الكروي» في مسيرة انتفضت كطائر الفينيق ومازالت تعدّ بالكثير خصوصا بعد دخول عدة فرق على الخط ّ وأهمها أولمببك مرسيليا..وهذا ما نتمنّاه فعلا.
طارق العصادي

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire